جند@الله الحاكم بكتاب الله
عدد المساهمات : 1524 إِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ : 3020 وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً : 8 الموقع : https://gondela.roo7.biz
| موضوع: التصوف و اثره فى المسلم السبت يناير 08, 2011 2:56 am | |
|
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير خلق الله
ثم اما بعد
اليكم اخوانى و اخواتى
اعضاء منتديات حاكم الروحانية
لعلوم القرأن
التصوف و اثره فى المسلم
التصوف : هو منهج التربية الروحي والسلوكي الذي يرقى به المسلم إلى مرتبة الإحسان التي عرفها النبي _صلى الله عليه وسلم_ ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) .
فالتصوف هو البرنامج التربوي الذي يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الإنسان عن الله عز وجل ..وتقويم انحرافاته النفسية والسلوكية فيما يتعلق بعلاقة الإنسان مع الله ومع الآخر ومع الذات .
والنفس البشرية تحمل جملة من الصفات التي تحتاج إلى تهذيب وتشذيب وتقليم كي تتمزق حجبها الظلمانية ..كما أن جسم الإنسان دائما يحتاج إلى تهذيب وترتيب ليبدو جماله وألقه ..فالجسم البشري لابد له من قص شعره مثل شعر الإبط والعانة والرأس وتهذيب شعر الوجه للرجل ..وتقليم أظفاره ..وتنظيف الأسنان و...إلخ ..كذلك النفس البشرية لو تركت وشأنها لتحول الإنسان إلى طبيعة متوحشة فلابد لنفسه من تهذيب وتزكية .
فالطريقة الصوفية هي المدرسة التي تقوم بعملية التطهير والتربية والتزكية ..وكما أن المريض يحتاج إلى طبيب لمعالجة ما مرض من أعضائه الجسمانية، كذلك يحتاج لمعالجة نفسه من أمراضها إلى طبيب حاذق عارف مدرك يشرف على التربية والتزكية .
فالنفس فيها مجموعة من الجراثيم والعاهات التي تقبع داخل النفس مثل الكبر والعجب والغرور والأنانية والبخل والغضب والرياء والرغبة في المعصية والخطيئة والرغبة في التشفي والإنتقام والكره والحقد والخداع والطمع والجشع وأمراض كثيرة...
فهذه الدوافع الخبيثة موجودة في كل نفس بشرية وتحتاج إلى تهذيب وتنظيم وتوجيه وتزكية …لأن هذه الشهوات البهيمية تشكل مثل الحجب السوداء على جوهر الروح المنور فتمنع عنها رؤية الحق والحقيقة ..وتفسد عليها تذوق طعم الحق والخير ..وإذا تركت هذه الأوصاف السيئة وشأنها تنمو وتنمو في نفس الإنسان كما تنمو الأعشاب الضارة حول أجمل الزهور والأشجار فإنها تجعل من صفات الخير أكثر ضعفا وتحول الإنسان إلى وحشٍ بشري همه إشباع شهواته وغرائزه فقط .
من هنا كانت أهمية الطريقة السلوكية والصوفية في تزكية هذه النفس .. بتنقيتها من الرذائل وتحليتها بالفضائل ..وذلك بزرع صفات الخير في النفس مثل التواضع والإيثار والكرم والحب والتعاون وحب الله والصالحين والعمل على مساعدة البشرية بل كل ما في الكون ..والحياء وخشية الله وحب طاعته والتلذذ بها إلخ .
وكان لابد من أخذ الطريقة من يد شيخ مأذون ..لأن هذه الطريقة مستنبطه من الشريعة المطهرة لا تحيد عنها قيد أنملة ..لأنها في الحقيقة تكوين النفس الإنسانية وفق الهيئة التي كان عليها السلف الصالح من هذه الأمة ..ذلك أن الشيخ المسلك للطريقة لا يجوز أن يكون مسلكاً إلا إذا كان مأذوناً من شيخ مسلك مأذون كذلك، وهكذا دواليك إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فهي إذاً أسلوب تربوي نبوي مأخوذ من جماعة عن جماعة عن جماعة وهكذا إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فالمسلم عندما يضع يده بيد شيخ يبايعه على الالتزام بالطريقة كأنما يضع يده بيد رسول الله لأنه يعاهد شيخه على الالتزام بالشريعة المطهرة .
أهمية الطريقة:
ولعل قائلاً يقول : ألا يستطيع الواحد منا أن يلتزم بالطريقة دون الإنخراط في أية طريقة صوفية ..بمعنى آخر : ألا يكفي أن يلتزم المرء بالكتاب والسنة فيكون عندها قد أخذ بالطريقة التي يريدها الله ورسوله ….؟؟؟
نقول :
أولاً: إن الإلتزام بالطريقة الصوفية لا يخرجك من التمسك بالكتاب والسنة إذ أن الطريقة الصوفية هي منهج الكتاب والسنة وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة بل إن الطريقة ترفضه وتنهى عنه .
ثانياً : الطريقة ليست تعاليم منفصلة عن تعاليم الكتاب والسنة بل هو روحها ولحمتها .
ثالثا ً: إن من يقول هذا القول لو قلنا له إن كلفناك أن تتعلم سنن الصلاة وآدابها وشروطها وأركانها من الكتاب والسنة هل تستطيع..؟؟
سيقول : لا أستطيع إلا إذا رجعت إلى كتب الفقه وأقوال الفقهاء المختصين الذين استخرجوا الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وذلك لأنهم بلغوا رتبة الإجتهاد وهذا أمرٌ أنا غير قادر على فعله ..بل إن الأمة الإسلامية منذ تاريخها البعيد لم تجمع إلا على فقهاء معدودين استطاعوا أن يقدموا فقهاً مستنبطاً من الكتاب والسنة مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وسفيان والأوزاعي وغيرهم …
فنقول: كما أن للفقه والتفسير والتأريخ والحديث علماء اختصوا به فقدموا لنا فقهاً ومصطلحات خاصة به فعلمنا الواجب من السنة من المندوب .. كذلك علماء السلوك له مصطلحاته وأصوله.. وبرز منهم علماء كثر ولكن أجمعت الأمة عليهم مثل الإمام الجنيد والشيخ عبدالقادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي و الشيخ أحمد البدي والشيخ إبراهيم الدسوقي و آخرين .
رابعاً: كما أن الحديث لا يقبل ما لم يكن موثقاً بسند إلى رسول الله لايكون مقبولا وملزما ..كذلك الطريقة الصوفية هي موثقة بسند إلى رسول_ الله صلى الله عليه وسلم_ مأخوذة مشافهةً جيلاً من بعد جيل إلى رسول الله ..فلكي تكون مرتبطاً بهذه السلسلة كان لابد من أخذ الطريقة من شخص مجاز بها .
خامساً : بما أن هذا العلم ليس علم أقوال وأحكام ظاهرة إنما يرتبط بالقلب والباطن والنفس البشرية فهو لايتحصل بالقراءة والكتابة لابد له من صحبة ورفقة شيخ يدل المرء بأحواله وأقواله وملاحظته ونظره وسلوكه .
أوصاف المرشد ( الشيخ ) الذي تأخذ منه الطريقة الصوفية. قال بعض العلماء للشيخ المرشد شروطاً ليكون أهلاً لتسليك الناس وتربيتهم في طريق التصوف ..
وأهمها :
1_ أن يكون عالماً بالفرائض العينية كالصلاة والصوم و..إلخ .
2_ أن يكون عارفاً بالله متحققاً عقيدة أهل السنة والجماعة.
3_ أن يكون عالماً بأساليب وطرق تربية النفس وتزكيتها وعارفاً بأمراض النفس ومداخل الشيطان على الإنسان .
4_ أن يكون مأذوناً بإعطاء الطريقة والإرشاد .
قال ابن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . فعلى المسلم الصادق أن يتوجه إلى الله بالدعاء بصدق وإلحاح أن يجمعه مع شيخ يتربى على يديه وأن يبحث في البلد الذي يسكن فيه فإن وجد شيخاً الأولى أن يأخذ الطريق من الشيخ الذي في بلده فإن لم يجد في بلده شيخاً يبحث في مكان آخر ولو كان خارج بلده ألا ترى المريض إذا مرض يذهب إلى أقرب طبيب عليه ليعالج مرض جسده .
فإن لم يجد في بلده قطع آلاف الأميال بحثاً عن طبيب يخلصه من مرضه .. فكيف بمرض يوصل الإنسان إلى جهنم .. ؟!
ألا يستحق أن تبذل لأجل إيجاده الغالي والنفيس . ؟؟!
وهذا لا يستلزم أن يكون بالضرورة شيخاً يحمل زياً أو شهادة معينة .. فهذا علم قلوب وتربية وسلوك لا يعترف بالمظاهر والأشكال ..لكن المهم أن يكون متصفاً بالأوصاف التي ذكرها وبعدها لا يهم أن يكون أكاديمياً أم غير ذلك ..
وليس مهماً أن يكون مريدوه كثر أم قلة .. فهذا أيضاً ليس معياراً لأهليته في الطريقة والتربية . بل المهم هو : الاستقامة والصلاح ومعرفة أصول التربية والسلوك . دليل أخذ العهد ( الطريقة ) شرعاً :
القرآن :
قال : (إن الذين يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً) سورة الفتح آية 10 ، ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم وكيلاً ) سورة النحل : 91 ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ) سورة الإسراء: 34 .
السنة :
أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال : ( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوا في معروف فمن أوفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عفا وإن شاء عاقبه ) .
عن يعلى بن شداد قال : حدثني أوس وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال : كنا عند رسول الله فقال : هل فيكم غريب ؟ _ يعني من أهل الكتاب _ فقلنا : لا يا رسول الله، فأمر بغلق الباب فقال : أرفعوا أيديكم وقولوا : لا إله إلا الله ، فرفعنا أيدينا وقلنا : لا إله إلا الله، ثم قال: الحمد لله ، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ، ووعدتني عليها الجنة ، وإنك لا تخلف الميعاد ،ثم قال : ألا أبشروا فإن الله قد غفر لكم ) .
روي الطبراني والبزار بإسناد حسن : أن علياً سأل النبي بقوله : يا رسول الله دلني على أقرب الطرق إلى الله، وأسهلها عبادة، وأفضلها عنده تعالى ، فقال النبي : ( عليك بمداومة ذكر الله سراً وجهراً ، فقال علي : كل الناس ذاكرون فخصني بشيء ، قال رسول الله : أفضل ما قلته أنا والنبييون من قبلي: لا إله إلا الله ولو أن السموات والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم ، ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول : لا إله إلا الله ، ثم قال علي : فكيف أذكر ؟ قال النبي : أغمضن عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات ، ثم قلها ثلاثاً وأنا أسمع ، ثم فعل ذلك برفع الصوت ) .
والأحاديث الواردة أكثر من أن تحصى ولكن اخترت منها للدلالة على مشروعية أخذ البيعة والعهد على طاعة الله كما يفعل شيوخ الطريقة الصوفية من مبايعة المريد على طاعة الله والتوبة والإنابة إليه .. وهكذا ظل علماء التصوف من بعد ذلك يأخذون البيعة على مريديهم إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة .. وكم دخلت دول في الإسلام من خلال أرباب الطرق الصوفية من غير حروب أو قتال إنما من خلال مشاهدة الناس لأخلاق الصوفي وصدقه وإخلاصه .
| |
|