جند@الله الحاكم بكتاب الله
عدد المساهمات : 1524 إِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ : 3020 وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً : 8 الموقع : https://gondela.roo7.biz
| موضوع: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله الإثنين يناير 24, 2011 7:24 pm | |
|
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير خلق الله
ثم اما بعد
اليكم اخوانى
بمنتديات حاكم الروحانية
لعلوم القرآن
إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله
قال الله عزَّ وجلَّ: "ولا تطرد الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشى يريدون وجهه".
عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله.
فقيل له: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت".
والإرادةُ:
بدء طريق السالكين، وهي أسم لأول منزلة القاصدين إلى الله تعالى.
وإنما سميت هذه الصفة: إرادة؛ لأن الإرادة مقدمة كلِّ أمر، فما لم يُرد العبد شيئاً لم يفعله، فلما كان هذا أوَّل الأمر لمن سلك طريق الله عز وجل سُمي: إرادة تشبيهاً بالقصد في الأمور الذي هو مقدمتها.
والمريد، على موجب الاشتقاق: من له إرادة، كما أن العالم: من له علم؛ لأنه من الأسماء المشتقة.
ولكن المريد في عُرف هذه الطائفة: من لا إرادة له، فمن لم يتجرد عن إرادته لا يكون مريداً، كما أنَّ من لا إرادة له، علي موجب الاشتقاق لا يكون مريداً.
وتكلم الناس في معنى الإرادة؛ فكلٌّ عبر على حسب ما لاح لقلبه، فأكثر المشايخ قالوا: الإرادة: ترك ما عليه العادة وعادة الناس -في الغالب- التعريج في أوطان الغفلة، والركونُ إلى اتباع الشهوة، والإخلادُ إلى ما دعت إليه المنية.
والمريد منسلخ عن هذه الجملة؛ فصار خروجه إمارة ودلالة على صحة الإرادة، فسميت تلك الحالة: إرادة، وهي خروج عن العادة؛ فإن ترك العادة أمارة الإرادة.
فأما حقيقتها: فهي نهوض القلب في طلب الحق، سبحانه، ولهذا يقال: إنها لوعةٌ تهون كل روعة.
وقيل: من صفات المريدين: التحبب إليه بالنوافل، والخلوص في نصيحة الأمة، والأنس بالخلوة، والصبر على مقاساة الأحكام، والإيثار لأمره، والحياءُ من نظره، وبذل المجهود في محبوبه، والتعرض لكل سبب يتوصل إليه، والقناعة بالخمول، وعدم القرار بالقلب إلى أن يصل إلى الرب.
وقال أبو بكر الوراق: آفة المريد ثلاثةُ أشياء: التزويج، وكتبة الحديث، والأسفار. وقيل له: لِمَ تركت كتابة الحديث؟ فقال: منعتني عنها الإرادة.
وقال حاتم الأصم: إذا رأيت المريد يريد غير مراده، فاعلم أن قد أظهر بذلته.
و سمعت الكناني يقول: مِن حكم المريد أن يكون فيه ثلاثة اشياء: نومه غلبة، وأكله فاقة، وكلامه ضرورة.
وقال الجنيد: إذا أراد الله تعالى بالمريد خيراً أوقعه إلى الصوفية، ومنعه صحبة القُراء.
و سمعت الدقاق يقول: نهاية الإرادة أن تشير إلى الله تعالى فتجده مع الإشارة، فقلت: فأي شيء يستوعب الإرادة؟ فقال: أن تجد الله تعالى بلا إشارة.
وقال أبو عثمان: المريد إذا سمع شيئاً من علوم القوم فعمل به صار حكمة في قلبه إلى آخر عمره، ينتفع به، ولو تكلم به انتفع به من سمعه. ومن سمع شيئاً من علومهم، ولم يعمل به، كان حكاية يحفظها أياماً ثم ينسها.
وقال الواسطي: أول مقام المريد: إرادة الحقّ، سبحانه، بإسقاط إرادته.
وقال يحيى بن معاذ: أشد شيء علي المريدين: معاشرة الأضداد.
سمعت: الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا القاسم الرازيّ يقول: قال يوسف بن الحسين: إذا رأيت المريد يشتغل بالّرُّخص والكسب؛ فليس يجيء منه شيء.
سئل الجنيد: ما للمريدين في مجاراة الحكايات؟ فقال: الحكايات جند من جنود الله تعالى، يقوي بها قلوب المريدين. فقيل له : فهل لك في ذلك شاهد؟ فقال: نعم، قوله عزّ وجلّ: "وكلاَّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك".
وسمع الجنيد يقول: المريد الصادق غني عن علم العلماء.
فأما الفرق بين المريد والمراد: فكلُّ مريد على الحقيقة مرا. إذ لو لم يكن مراد الله تعالى بن يريده لم يكن مريداً؛ إذ لا يكون إلا ما أراده الله تعالى، وكل مرادٍ مريد؛ لأنه إذا أراده الحقُّ سبحانه بخصوصية وفقه للإرادة. ولكن القوم فرقوا بين المريد والمراد: فالمريد عندهم هو المبتدىء، والمراد: هو المنتهي، والمريد: الذي نصب بعين وألقى في مقاسات المشاقّ، والمراد: الذي كفى بالأمر من غير مشقة، فالمريد متعنِّ، والمراد: مرفوق به مرفَّه.
وسنَّة الله تعالى مع القاصدين مختلفة، فأكثرهم يوفقّون للمجاهدات، ثم يصلون، بعد مقاساة اللتيَّا والتي، إلى سنِّي المعاني. وكثير منهم يكاشفون في الابتداء بجليل المعاني، ويصلون إلا ما لم يصل إليه كثيرون من أصحاب الرياضات، إلا أن أكثرهم يردّون إلى المجاهدات بعد هذه الأرفاق؛ ليستوفي منهم ما فاتهم من أحكام أهل الرياضة.
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: متحمِّل، والمراد محمول.
وسمعته يقول: كان موسى، عليه السلام، مريداً، فقال: "ربي اشرح لي صدري"، وكان نبينا، صلى الله عليه وسلم، مراداً، فقال الله تعالى: "ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك".
وكذلك قال موسى عليه السلام: "رب، أرني أنظر إليك، قال: لن تراني" وقال لنبينا، صلى الله عليه وسلم: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظلَّ".
وكان أبو علي يقول: إن المقصود قوله "ألم تر إلى ربك" وقوله: "كيف مد الظل": ستر للقصة وتحصين للحالة.
وسئل الجنيد، رحمه الله، عن المريد والمراد، فقال: المريد: تتولاه سياسة العلم، والمراد: تتولاه رعاية الحق، سبحانه، لأن المريد يسير، والمراد يطير، فمتى يلحق السائر الطائر؟
وقيل: أرسل ذو النون إلى أبي يزيد رجلاً، وقيل له: قل له إلى متى النوم والراحة، وقد جازت القافلة؟! فقال أبو يزيد: قل لأخي ذي النون: الرجل من ينام الليل كله، ثم يصبح في المنزل قبل القافلة. فقال ذو النون: هنيئاً له؛ هذا كلام لا تبلغه أحوالنا.
| |
|